أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : الوفاء وحفظ الجميل ، للشيخ كمال المهدي

خطبة الجمعة القادمة 27 أغسطس 2021م بعنوان : الوفاء وحفظ الجميل، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 19 محرم 1442هـ ، الموافق 27 أغسطس 2021م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 أغسطس 2021م بصيغة word بعنوان : الوفاء وحفظ الجميل  ، للشيخ كمال المهدي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 أغسطس 2021م بصيغة pdf بعنوان : الوفاء وحفظ الجميل ، للشيخ كمال المهدي

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 أغسطس2021م بعنوان : الوفاء وحفظ الجميل ، للشيخ كمال المهدي:

 

1- حث الإسلام على الوفاء وحفظ الجميل.

2- نماذج مشرفة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الوفاء وحفظ الجميل.

3- خطورة نكران الجميل على الفرد والمجتمع.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 أغسطس 2021م ، بعنوان : الوفاء وحفظ الجميل ، كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة ١٩ محرم١٤٤٣هـ الموافق ٢٧ أغسطس ٢٠٢١م بعنوان (الوفاء وحفظ الجميل)

**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أما بعد: –

أحبتي في الله: –

قال تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة :٢٣٧].
هذه الآية من ضمن الآيات التي تحدَّثت عن أحكام الطّلاق، لتعالج الآثار السلبيّة التي كثيراً ما تنتج من إنهاء الحياة الزوجيّة.

فجاءت هذه الآية القرآنيّة لِتُنَبِّهَ الزوجين وتدعوهما إلى ألا يغيب عن بال كلّ منهما، فضل كلٍّ منهما على الآخر، والأيّام الجميلة التي عاشاها معاً، والعائلة التي بنوها وأنعم الله عليهم بها، وهذا إن لم يؤدِّ للعودة عن الطلاق واستئناف الحياة الزوجيّة مرة أخرى، فهو بالطبع سيخفِّف من تداعيات الطّلاق وآثاره، فالله لا يحبّ ناكري الجميل ومتناسي الفضل والإحسان.

** ورغم ارتباط هذه الآية بقضيَّة الطلاق وورودها في إطارها، لكنَّها تعبّر عن قاعدة عامّة أرادها الله أن تحكم المجتمع المؤمن، فهو يريد لكلّ مؤمن أن يقدِّر الخير الصّادر عن الآخرين تجاهه، وأن لا ينسى فضلهم وعطاءاتهم وبذلهم وودّهم، أيّاً كان الآخرون، ومهما كان العطاء.

** فالإسلام هو دين الأخلاق الإنسانية الرفيعة يفرض على المسلم أن يكون وفياً لكل من يسدي إليه معروفاً، شاكراً له ما قدم ولو كان بسيطاً، كما يحث الإنسان على رد المعروف بمعروف أحسن منه، والمكافأة على الجميل بما هو أفضل، وهذا المبدأ الأخلاقي يحث عليه القرآن الكريم من خلال قول الحق سبحانه: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا) [النساء: ٨٦].

وصدق القائل:

ومن يسدِ معروفًا إليك فكن له * شكورًا يكن معروفه غيرَ ضائع..
ولا تبخلنّ بالشكر والقَرض فاجزه * تكن خير مصنوع إليه وصانع..
** وهناك العديد من الأمثلة الّتي حفل بها التَّاريخ الإنسانيّ عموماً، والإسلاميّ خصوصاً، حول هذا الخلق الرّفيع، فذاك نبي الله يوسف عليه السلام يمتنع عن الاستجابة لزوجة العزيز، والحجَّة الأولى الّتي قدَّمها، أنّه أحسن إليه.. فقال (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) [يوسف: ٢٣]، وذاك موسى عليه السلام يحسن إلى الفتاتين اللّتين تستسقيان، فيردّ له والدهما الإحسان إحساناً..

وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يهتم بفضيلة الوفاء والاعتراف بالجميل فيقول في الحديث الصحيح الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما: (ومن صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

* ولقد ضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حفظ الجميل ورده، وفي الوفاء لمن أحسن.

فها هو صلى الله عليه وسلم يرد الجميل لعمه أبي طالب الذي تكفل بتربيته بعد وفاة جده عبد المطلب، فلا ينسى له ذلك، فحينما تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها أخذ ابن عمه علياً في كنفه ورعايته رداً لجميل عمه ومساعدة له.

كذلك وفَّى صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه ، فبين للأمة مكانته ومنزلته ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه ، ما خلا أبا بكر ، فإن له عندنا يدا يكافيه الله بها يوم القيامة ) رواه الترمذي .
كما ضرب صلى الله عليه وسلم النموذج الأعلى في الوفاء للزوجة التي واسته ووقفت بجواره، فلم يتنكر لها، ولم ينس جميلها ، فعن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن عليها الثناء ، فذكرها يوما من الأيام ، فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزا ، فقد أبدلك الله عز وجل خيراً منها ، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال : « لا والله ما أخلف الله لي خيراً منها ، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني وكذبني الناس ، وواستني من مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل الأولاد منها ، إذ حرمني أولاد النساء » قالت عائشة رضي الله عنها : فقلت : بيني وبين نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا…

وورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت عجوز إلى النبي عليه السلام وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أنت؟)، قالت: أنا جثَّامةُ المُزنيَّةُ، قال: (بل أنت حسَّانةُ المُزنيَّةُ، كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدها؟).
قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تُقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، قال: (إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان) أخرجه الحاكم.

كان صلى الله عليه وسلم يكرم صديقات زوجته خديجة رضي الله عنها بعد موتها، وفاء لها وحفظاً لجميلها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالشيء يقول: (اذهبوا به إلى فلانة؛ فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة؛ فإنها كانت تحب خديجة) رواه البخاري.

** أحبتي في الله :-

كثيراً ما نغفل عما تقوم به زوجاتنا ولا نقوم بشكرهم على ما يقدمونه بشكل يومي من خدمات شخصية ومنزلية ونعتبره فرضاً أو أمراً إلزامياً عليهم فعله كما تفعله كل الزوجات مما يتسبب في العديد من المشاكل بين الزوجين حيث تشعر الزوجة بعدم تقدير زوجها لها وأنها أصبحت كالدمية في المنزل ليس لها أي قيمة بالنسبة له وكل عملها في حياته اقتصر على الأعمال المنزلية التي لا يقدم لها كلمات شكر وعرفان عند القيام به… فليكن لنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة.

** ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وَفِيًا مع الأحباب والأصحاب فحسب بل كان وَفِيّا مع الأعداء والكفار.

 وإليكم بعضاً من النماذج المشرفة له صلى الله عليه وسلم لوفائه وحفظه للجميل مع المشركين..
فبعدَ عَودته صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وبصحبتِه زيدُ بنُ حارثةَ من الطَّائفِ، وقد لَقيَ من ثَقيفٍ ما لقيَ من الإيذاءِ والضَّربِ بالحجارةِ، قَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَى قُرَيْشٍ وَهُمْ أَخْرَجُوكَ؟، فَقَالَ: “يَا زَيْدُ إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ”، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حِرَاءٍ فَأَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ خُزَاعَةَ إِلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ يَسْأَلُهُ: “أأَدَخُلُ فِي جِوَارِكَ؟”، فَقَالَ: نَعَمْ، وَدَعَا بَنِيهِ وَقَوْمَهُ فَقَالَ: تَلَبَّسُوا السِّلاَحَ، وَكُونُوا عِنْدَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ فَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَامَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا فَلاَ يَهِجْهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَانْتَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَوَلَدُهُ مُحِيطُونَ بِهِ.

وبعدَ سنواتٍ من هذه الحادثةِ هاجرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إلى المدينةِ، ثُمَّ ماتَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ على الشِّركِ قبلَ غزوةِ بدرٍ، وفي يومِ بدرٍ نصرَ اللهُ تعالى المسلمينَ، وأُسرَ من المشركينَ سبعينَ، وكانَ الرَّأيُ أن يؤخذَ منهم الفِداءَ ..

والآن.. اسمعوا لهذا الكلامِ الذي يرويهِ جُبيرُ بنُ مُطعِمٍ بنِ عَدِيٍّ رَضيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: “لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ”، لأطلَقَتهم له جميعًا دونَ فديةٍ، ردَّا للجميلٍ الذي كانَ منه في مكةَ.
وفي موقف آخر، ورد في سيرته صلى الله عليه وسلم، أنّه عندما أعلنت قريش مقاطعتها لبني هاشم، وفرض الحصار عليه في شعب أبي طالب، وعلَّقت صحيفتها الظّالمة داخل الكعبة، ونظراً إلى شدّة المعاناة التي عاناها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بني هاشم، حتى وصل بهم الأمر أن يأكلوا من حشائش الأرض، قام رجل من قريش، وهو أبو البَخْتَريِّ ابن هشام، بدعوة مجموعة من قريش لنقض هذه الصّحيفة وإلغائها. وبالفعل، نجح في استقطاب عدد من رجالات قريش، فلمَّا كان يوم بدر، خرج أبوالبَخْتَريّ في جيشٍ من المشركين، فأوصى وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه قائلاً: “فمن لقي منكم هشام البَخٰتَريّ بن هشام فلا يقتله”. وفعلاً، تورّع المسلمون عن قتله لفضله السّابق.

** أحبتي في الله :-

حِفظُ الجَميلِ .. خُلُقٌ جليلٌ .. بل هو من أخلاقِ الأوفياءِ الكِبارِ .. الذي لا ينسونَ المعروفَ ولو طالَتْ بهم الأعمارُ .. فلا يزالُ الكريمُ أسيرًا لصاحبِ الجميلِ .. يُظهرُ له الوِدَّ ويُمطرُه بالثَّناءِ الجزيلِ ..
فعلينا أن نتخلق بهذا الخلق العظيم وأن نحفظ الجميل لكل من قدم إلينا معروفاً.. ** وأولى من ينبغي علينا شكره على فضله وَمَنِّهِ وعطائهِ هو( الله) جل وعلا فهو الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا بنعم لا تُحصى ولا تُعد فهو القائل جل وعلا (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) [إبراهيم :٣٤].
فيكون الوفاء له جل وعلا وحفظ الجميل بأن نعبده ولا نشرك به شيئا وأن نأتمر بأوامره وننتهى عما نهانا عنه وأن نتبع نبيه صلى الله عليه وسلم..

** ثم يأتي بعد شكر الله تعالى شكر الوالدين وحفظ الجميل لهما تجاه ما قدموه لنا من رعاية وتربية، فهما أصحاب الفضل على الإنسان بعد الله سبحانه وتعالى ، وهما من ربيا وأنفقا وتعبا وسهرا ولابد أن يجدا ثمرة ما قدما برا وعطفا وحنانا من أولادهما..
لذلك قرن الله عز وجل في القرآن الكريم الشكر له بالشكر للوالدين في قوله تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك) [لقمان : ١٤].

وها هو صلى الله عليه وسلم يأمر برد الجميل للوالدين فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله، قال : فهل من والديك أحد حي ؟ ، قال : نعم ، بل كلاهما حي، قال : أفتبتغي الأجر من الله ؟ ، قال : نعم ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ) رواه البخاري.
** ثم بعد ذلك يكون الشكر لكل من قدم معروفا من الناس كالزوجة والأصحاب والجيران والأحباب وغيرهم..

ولنحذر شدة الحذر أحبتي في الله: من نكران الجميل فنكران الجميل سبب للعقوبة وزوال النعم:
قال الأصمعي رحمه الله: سمعت أعرابيًا يقول: أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف.

وما يشهد لذلك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم. فبعث إليهم ملكًا. فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لونٌ حسنٌ وجلدٌ حسنٌ ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل. قال: فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعرٌ حسنٌ ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرًا حسنًا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملاً. قال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إليَّ بصري فأبصر به الناس. قال: فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدًا فأنتج هذان وولد هذا. قال: فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا واد من الغنم.

قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرًا أتبلغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك! ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟! فقيرًا فأعطاك الله مالاً؟! فقال: إنما ورثت هذا المال كابرًا عن كابر. فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت.

قال: وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا. فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك؛ شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردَّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئًا أخذته لله. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم، فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك“.

** كما أن نكران الجميل، وجحد معروف الآخرين سببٌ مِن أسباب دخول النار: فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ) قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: (يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ) (متفق عليه).

** فنكران الجميل داء اجتماعي خطير ،ووباء خلقي كبير ،ما فشا في أمة إلا كان نذيرًا لهلاكها ،وما دَبَّ في أسرة إلا كان سببًا لفنائها ،فهو مصدر كل عداء وينبوع كل شر وتعاسة.

** نكران الجميل يخلق جوّاً من العقدة تجاه عمل المعروف، فَيَقِلّ الخير في المجتمع، وتنعدم الثِّقة بين أفراده، ويغيب التَّعاون، وتعمّ قلَّة المروءة. وهذا ما يحصل عندما يداين شخص شخصاً فلا يردّ إليه دينه، فيكفّ عن الدَّين، أو يساعد إنسان إنساناً فلا يقدِّر هذا العطاء، فيمتنع عن أداء المعروف إلى الآخرين..

فإياك إياك أخي الحبيب ونكران الجميل، واشكر صنائع المعروف، وكن من الأوفياء، فإن الكريم يحفظ ود ساعة.

*وفي الختام :- أقول لكم أحبتي في الله، إنّ من مسؤوليتنا أن نعزّز هذه القيمة في حياتنا، لنفي لأصحاب الخير خيرهم، ولو بالقليل، ولنعمّق المحبّة والودّ في المجتمع، فبالإحسان نزرع المودّة، فلا ندري مقدار السّحر في النفوس الذي تتركه كلمات الشّكر والتقدير والامتنان، وبذلك نبني مجتمع الأوفياء؛ المجتمع الّذي تحكمه القاعدة القرآنيّة: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: ٦٠].
فالنفس تحب مَن أحسن إليها، وتحب حفظ الجميل ورده لمَن يستحقه: فهذا كعب بن مالك رضي الله عنه لما بُشِّر بتوبة الله تعالى عليه انطلق مسرعًا للنبي صلى الله عليه وسلم فرحًا بذلك، فقال عن نفسه: “دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ. فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ” (متفق عليه).

***

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الشّاكرين لجميل الآخرين، الممتنّين لهم بالكلمة والموقف والسّلوك، ولا يجعلنا من قاطعي المعروف والمتنكّرين له.

***

كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.                إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »